آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر
إن آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر التي سطرت بدماء أبطال الجزائر في كتب التاريخ ومازالت محفورة حتى ألان في ذاكرة من حضرها وأذهان من سمع قصصها البشعة والمروعة وتظهر آثارها من قتل ونهب وتعذيب لن ينساها أي عربي وليس جزائري فحسب وفيما يلي نذكر بعض تلك الآثار على موقع مثقف.
الاستعمار الفرنسي في الجزائر
إن تلك الآثار يحفظها الأبناء والأحفاد عن الأجداد لتقوي من عزيمتهم وتذكرهم دائمًا بأهمية الأوطان والدفاع عنها واليقظة أمام الشعارات الواهية والأكاذيب التي يغير بها المحتلون جلودهم ليغطوا على أفعالهم البشعة وتبديلها بأكاذيب تدين المظلوم وتبرئ الظالم لكن ذاكرة الأمم لا يمكن أن تطمس مهما حاولوا.
وفيما يلي نذكر القليل من تلك الأثار البشعة التي خلفها المحتل الغاصب نتيجة احتلاله للأرض الأبية أهلها الجزائر.
جرائم الاستعمار في الجزائر
قام الجنرالات الفرنسيين بارتكاب أقصى الجرائم البشعة في حق المدنيين المسالمين الجزائريين حتى أن الضعفاء العزل من النساء والعجائز والشيوخ والأطفال لم يرحموهم ولم ترحمهم شعاراتهم الكاذبة عن الحرية والإنسانية والمساواة.
تحفل كتب التاريخ بشهادات جنودهم عن تلك المجازر البشعة التي حفرت قصصها سطورًا في أذهان من حضرها وشهدها قبل أن تحفر بالقلم سطورها في الكتب.
من هذه الشهادات شهادة أحد جنرالات الفرنسيين الذين شاركوا في الاحتلال الفرنسي على الجزائر الجنرال جون غارنيه الذي قال فيها: “إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة لبوجو الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشرة امرأة عجوزًا بلا دفاع مدينة الجزائر 18 أكتوبر 1841“.
لقد ارتكب الاستعماريون الفرنسيون أبشع الجرائم والإبادات الجماعية استعانوا فيها بكل الوسائل غير المشروعة والأسلحة غير التقليدية حتى أنهم تعاملوا مع المدنيين بقوانين تعارض جميع القوانين العامة وتخالف كل النصوص الدولية.. وحتى القوانين والنصوص الفرنسية التي كانوا يتعاملون بها في بلادهم وأطلقوا عليها القوانين الخاصة.
الاستعمار نهب ثروات الجزائر
منذ أن حرص الفرنسيين على إقامة علاقات دبلوماسية مع الجزائريين.. وكان الهدف الأساسي هو الرغبة في استغلال ثروات ومقدرات الجزائر والخيرات الاقتصادية.
كانت مطامعهم واضحة بخصوص استثمار المرجان الذي كانت ساحل القالة.. وعنابة غنية به ورغبتهم في احتكاره حتى أن عدد المعاهدات التي عقدها الفرنسيون مع الحكام الجزائريين وصلت ل47 معاهدة في الفترة من 1619م إلى 1830م كانت جميع تلك المعاهدات تخدم الجانب الفرنسي.
لقد تمت صفقات تجارية بين الفرنسيين ورجلان يهوديان إيطاليان.. كانا قد أسسا شركة تجارية لتأمين احتياجات الفرنسيين من القمح والحبوب لأنها كانت في حالة حرب مع العديد من دول أوروبا بعدة الثورة الفرنسية ولم يدفع الفرنسيون ديونهم لتلك الشركة.. وهذا يبين مدى أطماعهم في رغبتهم في الاستيلاء على كل ما يحتاجونه من الجزائر وكان ذلك قبل الغزو بفترات قليلة.
غير أن من الدوافع الاقتصادية المعروفة للاحتلال الفرنسي رغبتهم في الاستيلاء على ثروة الداي التي كانت تبلغ 150 مليون فرنك.. وهذا مما حدث بالفعل فقد نهبوا كل الخيرات في الخزائن التي كانت تخص الحكام الجزائريين.. ومحو كل الديون التي كانوا مديونين بها للجزائريين.
من أفعال النهب والسرقة التي اقترفها جنرالات الفرنسيون ضد ثروات الجزائريين تحميلهم لكنوز القصور والغنائم والثروات بالسفن إلى فرنسا حتى أن بعض تيجانهم مرصعة بجواهر مسروقة من الجزائر.
أصدر جنرالات الاحتلال قرارًا تعسفيًا بتسليم ملكية الأراضي الخاصة بالجزائريين للمستعمرين بتهديدهم وجردوهم من جميع ممتلكاتهم.
ومن آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر مرافقة الجنود الفرنسيين لاحتلال الجزائر مجموعة من الرأسماليين والتجار الجشعون والفلاحين الفرنسيين.. الذي قدموا إلى الجزائر طمعًا في نهب خيراتها واستولوا بالفعل على أراضيها الخصبة وعلى زراعة العنب فيها.. ونهبوا ثرواتها المدفونة بالتنقيب الجائر بداخل المناجم من ذهب وحديد وغيره من ثروات البلاد.
نشر الطائفية والعنصرية بين الجزائريين
كما حاول المستعمر الفرنسي استخدام شتى الطرق لزعزعة العقيدة الثابتة عند الجزائريين.. تلك التي باءت جميع محاولاتهم بالفشل سواء باستخدام نشر الطائفية من تقديم المساعدات والإرساليات التبشيرية أو عن طريق التعليم.
تلك الطائفية البغيضة حاربها الشعب الأبي الحر برفع شعار “الإسلام ديننا.. والعربية لغتنا والجزائر وطننا” هذا الشعار الرائع الذي رفعه العالم والمجاهد الجليل عبد الحميد بن باديس.
كما عمل المصلحون على ضرورة التربية الإسلامية وجعلها أحد دعائم المقاومة ضد المحتل الغاصب لأنها ستكون تلك التربية ترسيخ لفكر الجهاد المستمر ضد المحتل.
كذلك قاموا بتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي قامت بفتح مدارس لتعليم النشء على أسس التربية الإسلامية الصحيحة .
أو باستخدام المعاملة العنصرية واستقدام المهاجرين الفرنسيين وتوطينهم في الجزائر.. وتمييز معاملتهم واتهامهم للمواطنين أصحاب الأرض بالجهل والتخلف وأنهم على هامش التاريخ.. لكن المقاومين والمصلحين الجزائريين هاجموا تلك التصرفات العنصرية وشنعوا بكل من تجنس بالفرنسية.. ونبهوا على خطورة الذوبان التي ينشدها الفرنسيون داخل الشخصية الجزائرية.
لقد بلغ بهم الأمر أن أحد الحكام الفرنسيين في الاحتفال في ذكرى مرور مائة سنة في الجزائر: “إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم“.
القراء الذين اضطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا..
محاولة طمس الهوية العربية
لم تكن الآثار السلبية للاحتلال الفرنسي تقتصر فقط على الجرائم في حق المدنيين.. وسلبهم الحق في الحياة والأمان في أوطانهم والعيش الكريم بل امتدت جرائمهم لمحاولتهم طمس الهوية العربية عن الجزائريين.
اتبع الحكام الفرنسيين خططًا ممنهجة لمحاولة طمس الهوية العربية.. ظنًا منهم أنهم بذلك سيتخلصون من فكرة التضحية والفداء من أجل الأوطان.. وتنشئة جيل منفصل عن لغته وعروبته ودينه ووطنه ولكن هيهات أن يحدث لهم ذلك مع شعب ضرب في البطولات خير مثال يقتدى به عبر التاريخ.
الاعتقال والتعذيب والقتل لكثير من الجزائريين
حاول الاستعمار الفرنسي القضاء على المقاومة الشعبية بكل السبل.. من قتل وتعذيب ونفي واعتقالات لترسيخ الخوف بين المواطنين الذي لم يكل من عزيمة الجزائريين الأبطال.. ومن الشخصيات المعروفة في الجزائر من الذين ذاع صيتهم في مقاومتهم ضد المحتل على سبيل المثال وليس الحصر:
- تعذيب العربي بن مهيدي حتى القتل وكان له دورًا بارزًا في الثورة
- التحريرية وله مقولة مشهورة “القوا بالثورة إلى الشارع سيحتضنها الشعب“.
- اعتقال مصالي الحاج زعيم جمعية نجم شمال إفريقيا ونفيه عدة مرات.
- اعتقل كذلك مصطفى بن بولعيد وحكم عليه بالإعدام ثم هرب من السجن واستشهد بعد فراره بسنة.
المقاومة الشعبية في الجزائر
إن المقاومة الشعبية في الجزائر استطاعت أن تضرب أروع الأمثلة في التضحية الفداء.. وأن تحصل على مرادها في التخلص من المستعمر الغاشم وتلك هي النتيجة الحتمية على مر التاريخ لكل عمل تجسدت فيه البطولات وعلت فيه روح الفداء فتكللت بالنجاح رغم الصعوبات.
أصبحت المقاومة الشعبية في الجزائر نبراسًا ينير طريق المدافعين عن أوطانهم.. وتقوية عزيمتهم ودليلًا يستدل به على أن الأوطان لن يظفر بها إلا المدافعين عن حقهم فيها بدمائهم وأرواحهم وكل ما هو غال ونفيس في سبيل استرداد ما هو لهم.
نذكر من صور المقاومة الشعبية في الجزائر:
– ثورة الأمير عبد القادر الجزائري.
– ثورة التحرير الجزائرية.
بدأت ببيان عام 1954 أعلنت فيه موقفها من الاحتلال الفرنسي.. وبداية المقاومة المسلحة للشعب الجزائري ضد الاحتلال.. واستمرت حتى عام 1962 بإعلان استقلال الجزائر.
ذكرت فيما سبق بعض آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر من جرائم بشعة ونهب ثروات الجزائر ومحاولة طمس الهوية العربية نشر الطائفية والعنصرية بين الجزائريين الاعتقال والتعذيب والقتل تلك الآثار السيئة التي هي جزء بسيط جدًا مما عاناه الشعب الجزائري البطل كل هذا وأكثر بعد عناء وجهاد طويل للمقاومة الشعبية في الجزائر والوصول إلى التحرير من ذلك المحتل الفرنسي الغاصب.